فصل: تفسير الآيات (33- 39):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



والذين يفترون على عقيدة الحياة الآخرة فيقولون: إنها تدعو الناس إلى السلبية في الحياة الدنيا؛ وإلى إهمال هذه الحياة؛ وتركها بلا جهد لتحسينها وإصلاحها؛ وإلى تركها للطغاة والمفسدين تطلعاً إلى نعيم الآخرة.. الذين يفترون هذا الافتراء على عقيدة الآخرة يضيفون إلى الافتراء الجهالة! فهم يخلطون بين عقيدة الآخرة- كما هي في التصورات الكنسية المنحرفة- وعقيدة الآخرة كما هي في دين الله القويم.
فالدنيا- في التصور الإسلامي- هي مزرعة الآخرة. والجهاد في الحياة الدنيا لإصلاح هذه الحياة، ورفع الشر والفساد عنها، ورد الاعتداء عن سلطان الله فيها، ودفع الطواغيت وتحقيق العدل والخير للناس جميعاً.. كل أولئك هو زاد الآخرة؛ وهو الذي يفتح للمجاهدين أبواب الجنة، ويعوضهم عما فقدوا في صراع الباطل، وما أصابهم من الأذى..
فكيف يتفق لعقيدة هذه تصوراتها أن يدع أهلها الحياة الدنيا تركد وتأسن، أو تفسد وتختل، أو يشيع فيها الظلم والطغيان، أو تتخلف في الصلاح والعمران.. وهم يرجون الآخرة، وينتظرون فيها الجزاء من الله؟
إن الناس إذا كانوا في فترات من الزمان يعيشون سلبيين؛ ويدعون الفساد والشر والظلم والطغيان والتخلف والجهالة تغمر حياتهم الدنيا- مع ادعائهم الإسلام- فإنما هم يصنعون ذلك كله أو بعضه لأن تصورهم للإسلام قد فسد وانحرف؛ ولأن يقينهم في الآخرة قد تزعزع وضعف! لا لأنهم يدينون بحقيقة هذا الدين؛ ويستيقنون من لقاء الله في الآخرة. فما يستيقن أحد من لقاء الله في الآخرة، وهو يعي حقيقة هذا الدين، ثم يعيش في هذه الحياة سلبياً، أو متخلفاً، أو راضياً بالشر والفساد والطغيان.
إنما يزاول المسلم هذه الحياة الدنيا، وهو يشعر أنه أكبر منها وأعلى. ويستمتع بطيباتها أو يزهد فيها وهو يعلم أنها حلال في الدنيا خالصة له يوم القيامة. ويجاهد لترقية هذه الحياة وتسخير طاقاتها وقواها وهو يعرف أن هذا واجب الخلافة عن الله فيها. ويكافح الشر والفساد والظلم محتملاً الأذى والتضحية حتى الشهادة وهو إنما يقدم لنفسه في الآخرة.. إنه يعلم من دينه أن الدنيا مزرعة الآخرة؛ وأن ليس هنالك طريق للآخرة لا يمر بالدنيا؛ وأن الدنيا صغيرة زهيدة ولكنها من نعمة الله التي يجتاز منها إلى نعمة الله الكبرى..
وكل جزئية في النظام الإسلامي منظور فيها إلى حقيقية الحياة الآخرة؛ وما تنشئه في التصور من سعة وجمال وارتفاع؛ وما تنشئه في الخلق من رفعة وتطهر وسماحة ومن تشدد في الحق وتحرج وتقوى؛ وما تنشئه في النشاط الإنساني من تسديد وثقة وتصميم.
من أجل ذلك كله لا تستقيم الحياة الإسلامية بدون يقين في الآخرة. ومن أجل ذلك كله كان هذا التوكيد في القرآن الكريم على حقيقة الآخرة..
وكان العرب في جاهليتهم- وبسبب من هذه الجاهلية- لا تتسع آفاقهم التصورية والشعورية والفكرية للاعتقاد في حياة أخرى غير هذه الحياة الدنيا؛ ولا في عالم آخر غير هذا العالم الحاضر: ولا في امتداد الذات الإنسانية إلى آماد وآفاق وأعماق غير هذه الآماد المحسوسة.. مشاعر وتصورات أشبه شيء بمشاعر الحيوان وتصوراته.
شأنهم في هذا شأن الجاهلية الحاضرة.. العلمية كما يصر أهلها على تسميتها!
{وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}..
وكان الله- سبحانه- يعلم أن الاعتقاد على هذا النحو يستحيل أن تنشأ في ظله حياة إنسانية رفيعة كريمة.. هذه الآفاق الضيقة في الشعور والتصور، التي تلصق الإنسان بالأرض، وتلصق تصوره بالمحسوس منها كالبهيمة.. وهذه الرقعة الضيقة من الزمان والمكان، التي تطلق السعار في النفس، والتكالب على المتاع المحدود، والعبودية لهذا المتاع الصغير، كما تطلق الشهوات من عقالها تعربد وحدها بلا كابح، ولا هدنة، ولا أمل في عوض، إن لم تقض هذه الشهوات الهابطة الصغيرة، التي لا تكاد تبلغ نزوات البهيمة!.. وهذه الأنظمة والأوضاع، التي تنشأ في الأرض منظوراً فيها إلى هذه الرقعة الضيقة من الزمان والمكان؛ بلا عدل ولا رحمة، ولا قسط ولا ميزان.. إلا أن يصارع الأفراد بعضهم بعضاً، وتصارع الطبقات بعضها بعضاً، وتصارع الأجناس بعضها بعضاً.. وينطلق الكل في الغابة انطلاقاً لا يرتفع كثيراً على انطلاق الوحوش والغيلان! كما نشهد اليوم في عالم الحضارة.. في كل مكان..
كان الله- سبحانه- يعلم هذا كله؛ ويعلم أن الأمة التي قدر أن يعطيها مهمة الإشراف على الحياة البشرية، وقيادتها إلى القمة السامقة التي يريد أن تتجلى فيها كرامة الإنسانية في صورة واقعية.. أن هذه الأمة لا يمكن أن تؤدي واجبها هذا إلا بأن تخرج بتصوراتها وقيمها من ذلك الجحر الضيق إلى تلك الآفاق والآماد الواسعة.. من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة..
ولهذا كان ذلك التوكيد على حقيقة الآخرة.. أولاً لأنها حقيقة. والله يقص الحق. وثانياً لأن اليقين بها ضرورة لاستكمال إنسانية الإنسان: تصوراً واعتقاداً، وخلقاً وسلوكاً، وشريعة ونظاماً.
ومن ثم كانت هذه الإيقاعات العنيفة العميقة التي نراها في هذه الموجة من نهر السورة المتدفق.. الإيقاعات التي يعلم الله أن فطرة الإنسان تهتز لها وترجف؛ فتتفتح نوافذها، وتستيقظ أجهزة الاستقبال فيها، وتتحرك وتحيا، وتتأهب للتلقي والاستجابة.. ذلك كله فضلاً على أنها تمثل الحقيقة:
{ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}..
هذا مصير الذين قالوا: {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}.. وهذا هو مشهدهم البائس المخزي المهين؛ وهم موقوفون في حضرة ربهم الذي كذبوا بلقائه، لا يبرحون الموقف. وكأنما أُخذ بأعناقهم حتى وقفوا في هذا المشهد الجليل الرهيب:
{قال أليس هذا بالحق}..
وهو سؤال يخزي ويذيب!
{قالوا بلى وربنا}..
الآن. وهم موقوفون على ربهم. في الموقف الذي نفوا على سبيل التوكيد أن يكون!
وفي اختصار يناسب جلال الموقف، ورهبة المشهد، وهول المصير، يجيء الأمر العلوي بالقضاء الأخير:
{قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}.
وهو مصير يتفق مع الخلائق التي أبت على نفسها سعة التصور الإنساني وآثرت عليه جحر التصور الحسي! والتي أبت أن ترتفع إلى الأفق الإنساني الكريم، وأخلدت إلى الأرض، وأقامت حياتها وعاشت على أساس ذلك التصور الهابط الهزيل! لقد ارتكست هذه الخلائق حتى أهلت نفسها لهذا العذاب؛ الذي يناسب طبائع الكافرين بالآخرة؛ الذين عاشوا ذلك المستوى الهابط من الحياة! بذلك التصور الهابط الهزيل!
ويستكمل السياق المشهد الذي ختمه هناك بهذا القضاء العلوي تنسيقاً له مع الجلال والروعة والهول.. يستكمله بتقرير حقيقته:
{قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها}.. فهي الخسارة المحققة المطلقة.. خسارة الدنيا بقضاء الحياة فيها في ذلك المستوى الأدنى.. وخسارة الآخرة على النحو الذي رأينا.. والمفاجأة التي لم يحسب لها أولئك الغافلون الجاهلون حساباً:
{حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها}..
ثم مشهدهم كالدواب الموقرة بالأحمال:
{وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم}..
بل الدواب أحسن حالاً. فهي تحمل أوزاراً من الأثقال. ولكن هؤلاء يحملون أوزاراً من الآثام! والدواب تحط عنها أوزارها فتذهب لتستريح. وهؤلاء يذهبون بأوزارهم إلى الجحيم. مشيعين بالتأثيم:
{ألا ساء ما يزرون}..
وفي ظلال هذا المشهد الناطق بالخسارة والضياع، بعد ذلك المشهد الناطق بالهول والرهبة.. يجيء الإيقاع الأخير في هذا المقطع؛ بحقيقة وزن الدنيا ووزن الآخرة في ميزان الله؛ وقيمة هذه الدنيا وقيمة الآخرة في هذا الميزان الصحيح:
{وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}..
هذه هي القيمة المطلقة الأخيرة في ميزان الله للحياة الدنيا وللدار الآخرة.. وما يمكن أن يكون وزن ساعة من نهار، على هذا الكوكب الصغير، إلا على هذا النحو، حين توازن بذلك الأبد الأبيد في ذلك الملك العريض. وما يمكن أن تكون قيمة نشاط ساعة في هذه العبادة إلا لعباً ولهواً حين تقاس إلى الجد الرزين في ذلك العالم الآخر العظيم..
هذا تقييم مطلق.. ولكنه في التصور الإسلامي لا ينشئ- كما قلنا- إهمالاً للحياة الدنيا ولا سلبية فيها ولا انعزالاً عنها.. وليس ما وقع من هذا الإهمال والسلبية والانعزال وبخاصة في بعض حركات التصوف والزهد بنابع من التصور الإسلامي أصلاً. إنما هو عدوى من التصورات الكنسية الرهبانية؛ ومن التصورات الفارسية، ومن بعض التصورات الإشراقية الإغريقية المعروفة بعد انتقالها للمجتمع الإسلامي!
والنماذج الكبيرة التي تمثل التصور الإسلامي في أكمل صورة، لم تكن سلبية ولا انعزالية.. فهذا جيل الصحابة كله؛ الذين قهروا الشيطان في نفوسهم، كما قهروه في الأنظمة الجاهلية السائدة من حولهم في الأرض؛ حيث كانت الحاكمية للعباد في الإمبراطوريات.
هذا الجيل الذي كان يدرك قيمة الحياة الدنيا كما هي في ميزان الله، هو الذي عمل للآخرة بتلك الآثار الإيجابية الضخمة في واقع الحياة، وهو الذي زاول الحياة بحيوية ضخمة، وطاقة فائضة، في كل جانب من جوانبها الحية الكثيرة.
إنما أفادهم هذا التقييم الرباني للحياة الدنيا وللدار الآخرة، أنهم لم يصبحوا عبيداً للدنيا. لقد ركبوها ولم تركبهم! وعبدوها فذللوها لله ولسلطانه ولم تستعبدهم! ولقد قاموا بالخلافة عن الله فيها بكل ما تقتضيه الخلافة عن الله من تعمير وإصلاح، ولكنهم كانوا يبتغون في هذه الخلافة وجه الله، ويرجون الدار الآخرة. فسبقوا أهل الدنيا في الدنيا، ثم سبقوهم كذلك في الآخرة!
والآخرة غيب. فالأيمان بها سعة في التصور. وارتقاء في العقل. والعمل لها خير للمتقين يعرفه الذين يعقلون:
{وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون}..
والذين ينكرون الآخرة اليوم لأنها غيب إنما هم الجهال الذين يدعون العلم.. فالعلم علم الناس- (كما سنذكر فيما بعد) لم يعد لديه اليوم حقيقة واحدة مستيقنة له إلا حقيقة الغيب وحقيقة المجهول!!!

.تفسير الآيات (33- 39):

{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)}
في هذه الموجة من موجات السياق المتدفق في السورة، يتجه الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيب الله- سبحانه- خاطره في أوله، مما يلاقيه من تكذيب قومه له، وهو الصادق الأمين، فإنهم لا يظنون به الكذب، إنما هم مصرون على الجحود بآيات الله وعدم الاعتراف بها وعدم الإيمان، لأمر آخر غير ظنهم به الكذب! كما يواسيه بما وقع لإخوانه الرسل قبله من التكذيب والأذى، وما وقع منهم من الصبر والاحتمال، ثم ما انتهى إليه أمرهم من نصر الله لهم. وفق سنته التي لا تتبدل.. حتى إذا انتهى من المواساة والتسرية والتطمين، التفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقرر له الحقيقية الكبرى في شأن هذه الدعوة.. إنها تجري بقدر الله وفق سنته، وليس للداعية فيها إلا التبليغ والبيان.. إن الله هو الذي يتصرف في الأمر كله، فليس على الداعية إلا أن يمضي وفق هذا الأمر، لا يستعجل خطوة ولا يقترح على الله شيئاً. حتى ولو كان هو النبي الرسول! ولا يستمع إلى مقترحات المكذبين- ولا الناس عامة- في منهج الدعوة، ولا في اقتراح براهين وآيات معينة عليه.. والأحياء الذين يسمعون سيستجيبون، أما موتى القلوب فهم موتى لا يستجيبون، والأمر إلى الله إن شاء أحياهم وإن شاء أبقاهم موتى حتى يرجعوا إليه يوم القيامة.
وهم يطلبون آية خارقة على نحو ما كان يقع للأقوام من قبلهم، والله قادر على أن ينزل آية. ولكنه سبحانه لا يريد- لحكمة يراها- فإذا كبر على الرسول إعراضهم فليحاول هو إذن بجهده البشري أن يأتيهم بآية!.. إن الله- سبحانه- هو خالق الخلائق جميعاً، وعنده أسرار خلقهم، وحكمة اختلاف خصائصهم وطباعهم. وهو يترك المكذبين من البشر صماً وبكماً في الظلمات، ويضل من يشاء ويهدي من يشاء وفق ما يعلمه من حكمة الخلق والتنويع..
{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون}..
إن مشركي العرب في جاهليتهم- وخاصة تلك الطبقة التي كانت تتصدى للدعوة من قريش- لم يكونوا يشكون في صدق محمد صلى الله عليه وسلم فلقد عرفوه صادقاً أميناً، ولم يعلموا عنه كذبة واحدة في حياته الطويلة بينهم قبل الرسالة، كذلك لم تكن تلك الطبقة التي تتزعم المعارضة لدعوته تشك في صدق رسالته، وفي أن هذا القرآن ليس من كلام البشر، ولا يملك البشر أن يأتوا بمثله..
ولكنهم- على الرغم من ذلك- كانوا يرفضون إظهار التصديق، ويرفضون الدخول في الدين الجديد! إنهم لم يرفضوا لأنهم يكذبون النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لأن في دعوته خطراً على نفوذهم ومكانتهم.